روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات نفسية | أخاف.. فقدان أحبتي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات نفسية > أخاف.. فقدان أحبتي


  أخاف.. فقدان أحبتي
     عدد مرات المشاهدة: 2566        عدد مرات الإرسال: 0

بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم مستشاري الفاضل ورحمة من لدنه وبركات أما بعد : أنا سيدة في بداية العشرينات من عمري متزوجة من ما يزيد عن سنة بقليل ورزقني الله بطفل عسى أن يجعل الله من الصالحين المؤمنين البارين

أعيش بهدوء وصفاء والحمد لله في حياتي الزوجية والاسرية وليس هناك ما ينغص عيشي بفضل من ربي الا بعض الامور المادية البسيطةالتي لا تعدو كونها مجرد منغصات بسيطة جدا فالحمد لله رزق ربي واسع ولكن متطلبات الحياة كثيرة

وهنا تكمن مشكلتي أني دائما انظر بحمد وشكر الى مولاي خالقي بكثرة نعمه علي التي لا تعد ولا تحصى وانظر الى باقي الناس من حولي فأجدهم مبتلون بمصائب كبيرة وعندها ينتابني خوف شديد بأن ربي سيبتليني بلاء كبيرا

واجلس في منتصف الليل وأتخيل ان ولدي الصغير الذي لا يتعدى بضعة اشهر سيموت قريبا لا قدر الله والله اني من مجرد كتابة الفكرة بدأت عيناي بذرف الدموع او ان زوجي حفظه الله سيموت او ابي او امي او احد اخوتي واجلس ابكي على حالي من بعده

اصبحت لا انام ليلة ولا افكر نهارا الا بهذه الوساوس مع ان من فضل ربي علي ان جميع من ذكرت بصحة جيدة والحمد لله اخاف من ما يسمى الفال لاني كثيرا ما افكر ان ربي سيبتليني بأحدهم خاصة ولدي واجلس طوال الليل ابكي وادعو لربي ان لا يختبرني هذا الاختبار

انا مؤمنة بقضاء الله وقدره والحمد لله اصلي واجتنب المعاصي قدر ما استطيع اشعر بنفسي الان وكأني مريضة نفسيا اتفقد طفلي في اليوم مائة مرة وهو نائم لاتأكد انه لازال يتنفس حتى اني اوقظه من نومه بعض الاحيان ليطمئن قلبي

ماذا افعل انجدوني بدأ الوهم يقطع قلبي ويشتت فكري ويشعرني بحزن واسى شديدين هل هذا مس او شيطان او ضعف ايمان ام مرض نفسي ام ماذا ؟

هل الفال موجود في الدين اي اني من كثر التفكير في هذا الموضوع سيبتليني ربي هذا البلاء؟ دلوني جزاكم الله خيرا عن طريقة تحفظ نعم ربي علي مع اني الحمد لله دائمة الشكر

بسم الله الرحمن الرحيم.. إذا كان فهمي صحيحاً فأنت تجدين نفسك وكأنك مجبرة على التفكير بأفكار يدور محتواها حول الخوف من فقدان الأحبة كالأهل أو طفلك أو زوجك. وهذه الفكرة تعذبك كثيرة وتؤرق حياتك وتجعلك دائمة التشتت. وتتساءلين ما مصدر هذا، هل هو ضعف إيمان أم مس من الشيطان أم مرض نفسي أم غيره.

وعندما تفكرين في مصدر هذه الأفكار فلا تجدين لها مبرراً أو سبباً. فأنت تعيشين حياة مناسبة إلى حد كبير، والمشكلات التي تعانين منها ليست سوى تلك المشكلات الحياتية التي قد يمر بها أي إنسان في حياته اليومية كالمتطلبات المادية والضغوطات اليومية. وعندما تقارنين نفسك مع الآخرين تجدين نفسك أنك بخير إلى حد كبير. فهناك ممن هم حولك ابتلاهم الله بأمراض أو مشكلات أو غيرها. وهذا بالتحديد يجعلك تفكرين أن الله سبحانه وتعالى لابد وأن يبتليك ببلاء كبير.

تتسلط بعض الأفكار السوداوية على بعض الناس، منها الخوف من فقدان الأحبة من حولهم ويعانون من جراء ذلك معاناة كبيرة وصامتة، خاصة وأن الواقع لايحمل إشارات خطر أو تهديد حقيقي، كالمرض وسواه. وفي بعض الأحيان يكون الخوف شديداً على الأولاد، وذلك عندما يشر الإنسان أن معنى حياته كله مستمد منهم ومن ثم يخشى المرء من فقدان معنى وجوده كله في حال فقدانهم.

والخوف من الموت ظاهرة عامة لدى كثير من الناس، وهم لايخافون من موتهم هم وإنما من موت أحبتهم ومن حولهم من أشخاص.

ومع أننا نؤمن بالقضاء والقدر، وأن حياتنا وموتنا هما بيد الله سبحانه وتعالى ولا نستطيع نحن البشر تقديم ساعة أو تأخير ساعة إلا أن هذه الأفكار قد تكون في بعض الأحيان من القوة بحيث أنها تعطل لدينا القدرة على الحكم الصحيح والسليم.

ومع أني لا أستطيع الآن تقدير فيما إذا كانت هذه الأفكار التشاؤمية ناتجة عن مرحلة بعد الولادة حيث تضطرب نسب الهرمونات في الجسد بعد الولادة مما قد يسبب لدى بعض الأشخاص مشاعر الاكتئاب والتشاؤم، أم هي ناتجة عن أفكار تسلطية مستقلة أم هي ناتجة عن القلق الذي يتجلى في صورة خوف من الموت كمظهر أساسي، فإنك قادرة ببعض الإجراءات على التخلص من هذه الأفكار والتخفيف من حدتها إلى حد كبير. فإن استمرت لديك لأكثر من ثلاثة أشهر فلابد لك من مراجعة طبيب نفسي لتوضيح الحالة بشكل أكثر دقة ثم اتخاذ الإجراءات المناسبة.

أما الإجراءات التي يمكنك القيام بها للتحكم بهذه الأفكار والتي سأذكرها لك، فتتطلب الالتزام والصبر وعدم الاستخفاف بها لأن نجاحها منوط باتباعها بدقة، وممارستها باستمرار.

1) الخوف ناجم عن الخوف من الفكرة نفسها التي تفكرين بها وليس عن حقيقة موضوعية قائمة (أي ليس هناك خطر حقيقي بالفعل يتهدد من هم حولك) لهذا فإن الخوف ليس من الواقع الحقيقي بل من كونك تفكرين بهذه الفكرة. ونحن البشر عندما تخطر على بالنا فكرة سيئة، مهما كانت، نحاول أن نطردها بسرعة، لأنها مخيفة. وهنا يكمن السر: فكلما حاولنا طرد الفكرة أصبحت أكثر تسلطاً علينا. أما الحل فهو ألا نسمح لهذه الفكرة أن تمتلك السيطرة علينا. أما كيف يتم ذلك فهو التالي: عندما تخطر على بالك الفكرة السيئة، عليك أن تقومي بمتابعة الفكرة حتى النهاية، إي لا تحاولي قمعها أو طردها أو أي شيء بل اتركي خيالك يسبح مع الفكرة لتأخذك أينما شاءت. وتذكري دائماً ((إنها مجرد فكرة وليست حقيقة)). وعند ترك خيالك يسبح مع الفكرة فلسوف يزيد خوفك ويتضخم جداً، وهنا عليك أن تصمدي وتتحملي هذا الخوف بترديدك دائماً ((إنها مجرد فكرة)) وهكذا حتى نهاية الفكرة، حتى لو استمرت ساعة.
2) كما عليك أن تخصصي ساعة يومياً وبشكل مقصود للتفكير بهذه الفكرة حتى لو لم تكن تخطر على بالك في لحظتها. وتتبعي الخطوات السابقة بترديدك دائماً ((إنها مجرد فكرة)). وبعد فترة وجيزة سوف تلاحظين بأن الخوف قد خف ((شريطة اتباع التعليمات بدقة وعدم قطع التمرين)) وبعد فترة ستجدين أن الأفكار السلبية نفسها قد بدأت تخفت وتزول وإن عادت فلا تجد لها سبيلاً.
3) عندما تبدئين بتخصيص ساعة يومياً للأفكار السلبية (أو أكثر حسبما تريدين) قومي بربط قطعة من (المطاط) حول معصمك. فإن أتتك الفكرة السلبية خارج الوقت المخصص للتفكير بها فقومي بشد المطاطة ثم تركها لتنبهك للتوقف عن الفكرة (تسمى هذه التقنية تقنية توقيف الأفكار)، ورددي بينك وبين نفسك ليس وقتك الآن أيتها الأفكار السلبية، عندي الآن أمور أخرى لأقوم بها وعندما يحين وقتك سأفكر بك.
4) بالإضافة إلى هذه الإجراءات عليك أن تقومي باتباع طريقة تسمى طريقة التشكيك والحوار المنطقي: فعندما تخطر على بالك هذه الأفكار عليك أن تطرحي على نفسك الأسئلة التالية:

1- من قال أن هذه الفكرة صحيحة؟
2- ما هو الدليل عليها؟
3- ما هو عكس هذا الدليل؟
4- أين القانون الذي يقول أن أفكاري صحيحة أو أن أفكاري ستؤدي إلى هذه المصائب التي أتخيلها، ما هو دليلي؟
5- هل مجرد الفكرة ستعجل بإمر ما أو ستؤخره؟
6- هل خوفي الزائد سيحمي أهلي وأسرتي؟
7- هل عدم خوفي لن يحميهم أو العكس؟
8- من قال إن الله سبحانه وتعالى لابد وأن يبتليني؟ هل يعلم الغيب إلا الله؟
9- هل أستطيع تأخير أو تقديم أمر يريده الله؟

5) جدي لنفسك ما يشغل يومك بالإضافة إلى رعاية طفلك، ومارسي الرياضة فهي تحسن المزاج، واشغلي يومك بمخططات ومشاريع بيتية أو غيرها بسيطة، كالتطريز والحياكة وتنسيق بعض الأمور الفنية. أو افعلي أي شيء حسب ظروفك الحياتية والبيتية.

فالإنسان الذي لا يشغل عقله ولا يشغل فكره بأمور حياتية مثمرة يفسح المجال واسعاً لأفكار سلبية ومدمرة لتسيطر عليه. ليس بالضرورة أن تكون الأمور التي يفعلها الإنسان ضخمة وكبيرة بل هي أمور عادية وبسيطة. أحياناً يكون الاهتمام بالبيت وترتيبه وتنظيفه وغيرها من الأمور التي يقوم بها الإنسان بنفسه ولا يتركها لغيره كافية للتخفيف من هذه الأفكار.
6) اختلطي بالناس من أصدقاء وأهل قدر ما تستطيعين فالوحدة الطويلة والروتين المستمر تفتح الباب للأفكار السلبية في حين أن الوجود بين الناس يخفف منها ويبعدها.

مع تمنياتي بالتوفيق .

الكاتب: أ.د. سامر جميل رضوان

المصدر: موقع المستشار